نحن نعلم أبناءنا في البيت أو في المدرسة عن طريق الاتصال اللغوي بالدرجة الأولى وهذا الاتصال يتم في ثلاث صور : الصورة الأولى :يقوم فيها الآباء أو المعلمون بتوجيه الحديث إلى الأبناء .الصورة الثانية : يقوم فيها الأبناء بتوجيه الحديث إلى الآباء أو المعلمين .الصورة الثالثة : يتبادل فيها الآباء والأبناء والمعلمون والتلاميذ الحديث والاستماع إلى بعضهم بطريقة منظمة وهذه هي المناقشة .الطريقة الأخيرة من أفضل الطرائق وأقربها إلى روح منهج التربية الإسلامية. وقد اتبع الرسول – صلى الله عليه وسلم – هذه الطريقة في تبليغ رسالته إلى الناس بأمر من الله قال تعالى
أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) ( النحل 125 ) . وطريقة المناقشة من أهم طرق التدريس للصغار والكبار على السواء ، لأن المناقشة تدرب على حرية التفكير والتعبير والاتصال ، لذا يجب على الآباء في البيت والمعلمين في المدرسة استخدام طريقة المناقشة في تربية الأبناء وهذا في الواقع تدريب لهم على التفكير بحرية والاستخدام السليم للغة ومواجهة المشكلات بإيجابية دون خوف .. ولكن .. لماذا ينبغي على الآباء والمعلمين مناقشة الأبناء والطلاب ؟ أولاً: لأن المناقشة تؤكد الثقة والاحترام المتبادل بين الطرفين وبذلك تتحول العلاقة من القهر والتسلط والاستبداد من الكبار والشعور بالظلم والهوان وقلة الحيلة من الصغار إلى الاحترام المتبادل والحب والرحمة والتعاون ونتيجة ذلك زيادة نشاط الصغار وفاعليتهم وزيادة دافعيتهم للتعلم .ثانياً: لأن العملية التعليمية عملية اتصال تعتمد على المشاركة والتفاعل ، والمناقشة هنا نؤكد للأبناء أن الآباء والمعلمين يؤمنون بدور الأبناء وقدرتهم على التعلم ، ويؤمنون بأن كل واحد منهم له شخصيته الخاصة وقدرته التي يتميز بها عن غيره .ثالثاً: لا شك أن مناقشة الأبناء تؤكد الاتجاهات السليمة والقيم الفاضلة في نفوس الأبناء فالآباء أو المعلمون الذين يناقشون الأبناء في المشكلات والقضايا الفكرية والاجتماعية المناسبة يعلمونهم حرية التعبير وينمون لديهم القدرة على الاختبار السليم والقدرة على التنظيم الفكري والمعرفي والقدرة علىالاستخدام الأمثل للمعرفة في إنتاج الأفكار الجديدة .رابعاً: إن استخدام أسلوب النقاش يدرب الأبناء والتلاميذ على حسن مهارة الاستماع وآدابه ، وعلى الطلاقة وحسن الإلقاء في الكلام والتحدث ، وكل هذا ينعكس إيجابياً على جودة القراءة والكتابة ، وكل هذه مهارات وضرورات لنمو الشخصية والكشف عن الاستعدادات القيادية وصقلها وإعلائها .خامساً: إن استخدام الآباء والمربين لطريقة المناقشة مع الأبناء تساعدهم كثيراً في التعامل مع مشكلاتهم واتخاذ القرارات الملائمة لها . وبذلك يشعر الأبناء والتلاميذ بقيمة التعلم وأهميته في حل مشكلات الحياة ويزداد إقبالهم على العلم والتعلم المستمر . إن كل ما سبق قد يجعلنا نرتقي في فهمنا للأمر الإلهي للرسول صلى الله عليه وسلم ( وجادلهم بالتي هي أحسن )
( د. على أحمد مدكور )